الشرق – محادثات السلام بين فلسطين وإسرائيل.. لماذا الآن؟
مريم الخاطر
ان تتحدث عن فلسطين وان تدافع عن حق الإنسان الفلسطيني فأنت أمام مؤامرة ضارية، قد يجتمع عليك الكون كله ضدك، بل انت في حرب ضروس تشتد قوتها أيضا في وجه اولئك المدافعين من غير ابناء العروبة عندما يتحدّون سياسات بلادهم في عقر دارهم ليقدموا صورة مشرفة للدفاع عن حق الإنسان الفلسطيني بصورة تُعجز بل تُخجل العرب.
حضرت مؤتمر (حقوق الإنسان في فلسطين — 11 — 13 سبتمبر الجاري) «الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الاراضي الفلسطينية المحتلة» المنعقد في استراليا بدعوة وتنظيم من الجامعة الاسترالية الوطنية والذي توج بكلمة افتتاحية للدكتور ريتشادر فولك، المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين. والذي ما فتئ يذكر المؤتمرين بقانونية حق الإنسان الفلسطيني مختتما ومذكرا بحضور الحق الثقافي فيما جسده محمود درويش في رائعته» سجل يا تاريخ أنا عربي » والتي تحكي مسيرة النضال وشرعية الوجود واحقية الدفاع عن الذات والوطن والهوية في ظل شريعة الغاب الدولية وعقيدة السلب والنهب المبنية على وعد بلفور المشؤوم وأحفاده من المتآمرين الدوليين.
عشيّة افتتاح هذا المؤتمر صاح جرس إنذار الحريق، وجم الحضور ولكن تبين ان الانذار لم ُيرَنُّ اعتباطيا كما أشارت مُنّظِمة المؤتمر وهي بروفيسورة استرالية مناضلة في حقوق الانسان الفلسطيني منوهة بأنهم دائما ما يواجهون بمثل هذه المضايقات عند عقد مثل هذه المؤتمرات للدفاع عن القضية الفلسطينية.
حضرت اليوم الثاني فإذا بها تنوه بأن جهاز العرض الرئيسي على الحاسب قد تعطل بـ «فيروس» ليحجب عروضا لأساتذة من مختلف التوجهات والجامعات والمنظمات الحقوقية… ولكن المنظِمة كانت جاهزة بجهاز آخر ليستمر العرض اقصد وليستمر النضال ايضا… إذ عندما أقبل مدير منظمة «اللجنة الاسرائيلية ضد هدم بيوت الفلسطينين » Israeli Committee against house demolishing لتقديم عرضه الحقوقي عن معاناة الشعب الفلسطيني صاح جرس الإنذار مرة أخرى معلنا بالصوت المسجل ان هذا الإجراء مجرد تجربة انذار لحريق. «وأي إنذار في أي وقت؟! إنها فعلا مؤامرة» هتف بها عدد من كبار الأساتذة الدوليين من حولي.
خصوصا وان العرض وضح بالصور الحية تعنت الحكومة الاسرائيلية في سلب الفلسطيني حقه في الأرض وبناء المستوطنات على انقاضه، مؤكدا ان سياسة اسرائيل من عملية الهدم هي: «No home for Individual Palestinians، no homeland for the Palestinian collectives «
» عندما لا يقوم بيتٌ لفلسطيني، لنْ يقوم وطنٌ لكلّ الفلسطينيين»
لم يكن التشويش هذا فقط في أرض المؤتمر بل وقف احد الحضور المعارضين ناقدا ومنوها الى ان الصحف الاسترالية ضد هذا المؤتمر بتصريح: «اسرائيل تنتقد مؤتمرا معارضا لها لا يقدم للجامعة الاسترالية الوطنية العريقة اي رصيد يذكر» بل اتهم النقد الصحفي القائمين على المؤتمر بالانحياز وانتهاك القيم المستحقة للدعم من المال العام منوها بأنها تدمير للسمعة العريقة للجامعة وأكاديمييها.
ولكن كان رد الدكتورة المنظمة شجاعا وجريئا بقولها: «نحن لا نقرأ لصحف التابلويد..» فظننت ان هذا الخبر صادر عن احدى الصحف المغمورة بحثت فإذا به صادر عن أعرق الصحف الاسترالية وأشهرها The Australian»» اتضحت الصورة لدي عندما وجدته في صفحة الرأي، ولكنه حتما كان رأيا يريد وقف الدعم وتضييق الخناق حتى على أدبيات الرأي الآخر في الطرح الحقوقي والأدبي بعد دحر الحق واغتصابه في ردهات السياسة لدى ام بلفور بل وأبنائها واحفادها أيضا.
يسمّيها الطرح الأراضي الفلسطينية المحتلة» » Occupied Palestinian Territory واسميها فلسطين المحتلة، ويسميها اسرائيل وأرفض ان اسمي الغاشمة إلا بالكيان المحتل، وانا أعني ضرورة التمسك بهذا الإطلاق، إذا إنه حتى انتهاك الحقوق ضالع في استخدام اللغة باحتيال ودهاء لسحب الحق لذلك هي «أراضٍ محتلة» حتى ولو تم الاتفاق على اعطائها حق الكينونة ولو بمقايضة ذليلة خاسرة سميت بـ «الأرض مقابل السلام». وأي أرض؟ فقد منع الكيانُ الفلسطينيينَ حتى هذا الحق رغم تنازلات «أوسلو» المؤلمة بدوافع أيديولوجية لتكريس الاحتلال بإطلاق ديني يشي بآلية سياسة التهويد والاستيطان وتوظيف «أفيون الدين» لتخدير الشعوب وخدمة مشروعات الاستيطان التوسعية بإطلاق مسمى » يهوذا والسامرة » على الأراضي العربية في «الضفة الغربية» تلك التي تخضع لمعاول التهويد الجائر.
جاء هذا المؤتمر في وقت مهم جدا من استئناف مفاوضات السلام على الصعيد الدولي ورغم الجهود الكبيرة المبذولة من قبل منظمي المؤتمر وحرصهم على تمثيله بأعلى مستوى إلا ان انتهاك الحقوق جزء من عملية مستمرة لم يسلم منها حق الإنسان الفلسطيني حتى على مستوى المحاضرات وأدبيات الطرح الأكاديمي والمنظمات غير الحكومية لا في ديار العرب ولا الغرب.
بعيد ذلك المؤتمر عقدت محاضرة مستقلة مثرية للمقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في فلسطين بعنوان:» المحادثات الفلسطينية – الاسرائيلية، لماذا الآن؟ «
‘Why Israel /Palestine peace talks now?
«الاشتراطات الأساسية المسبقة لأية مخرجات إيجابية لحل ناجع للمفاوضات لم تتضح بعد.» وهذا سبب طرح الدكتور فولك السؤال عنوانا للمحاضرة المثرية خصوصا في ظل بروز التحركات وسط ما سمي بـ «ربيع عربي» غير واعد في شأن العرب على وجه الخصوص.
أما وإنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة على انعقاد وشيك، فإن السؤال المطروح: ما جدوى الكيانات الدولية التي سميّ أهمها بـ «الأمم المتحدة» حول هذه الانتهاكات طويلة — الأجل؟ وما مدى تأثير تلك التقارير النافذة والنزيهة حول الانتهاكات الاسرائيلية والتي تصدر عن أمثال المقرر الخاص وسط هذه المنظومة الأممية «الوهمية» التي تلويها أذرع «اللوبي الدولي الغاشم المتآمر «؟ وأخيرا ما موقف عضوياتنا وتمويلنا من ذلك ونحن فيها دول مستقلة صاحبة رأي وصوت وقرار؟!!
مريم الخاطر حاصلة على درجة ماجستير في الإعلام (الصحافة والشؤون العامة)، الجامعة الأمريكية – واشنطن.دي.سي.
وشهادة مرتبة الشرف في الدراسات اللغوية – جامعة جورج تاون، واشنطن.دي.سي.
وبكالوريوس في الآداب والتربية في اللغة العربية وآدابها، جامعة قطر.
وتنوعت الخبرات في مجال العمل الإعلامي:
وعملت مديرا للإعلام والعلاقات العامة والترجمة- المجلس الأعلى لشؤون الأسرة.
وعملت مدرسا مساعدا في قسم الإعلام، كلية الإنسانيات – جامعة قطر.
وعملت مساعد مدرس في قسم اللغة العربية وآدابها – جامعة قطر وكلية قطر التقنية.
وكاتبة (مداد القلم) عمود صحفي أسبوعي في صحيفة الراية القطرية منذ عام (1992).
!vía الشرق – محادثات السلام بين فلسطين وإسرائيل.. لماذا الآن؟