
ركبتُ مركبةُ الزمان مُبحراً في قرونٍ مضت
أقف او اتوقف في العديد من محطات العصور والبلاد
وفي كلِ محطةٍ كانوا يسألونني
«من اين انت آتٍ؟»
وجوابي كان هو: أنا من زمنِ العلوم المُتقدمة ومن بلاد العُرب
والسؤال الثاني الذي كان يُحيروني هو
«ما هو عنوان العُرب؟»
فكان جوابي دائماً: وسط الدنيا
هكذا كُلما وصلت محطة جديده، كانت تُطرح عليَّ نفس الأسئلة
وأجيبُ بنفس الأجوبة… ولكن لا أحد كان يكترث بي بعد هذا
وانا أبحر في عالم الزمان والمكان لم يفارقني صدى سؤال
«ما هو عنوان العُرب؟»
ولماذا يتوقفون عن الرغبة في المعرفة عنا
ولكن في برهةٍ من الفطنةِ، وجدتُ السبب وقررت الإجابة بغير ما تعودتُ عليه
مضيت أُبحر وإذ بي أقفُ عند بلاد الهند والسند
في زمانٍ كان العالم يتكلم لغة الضاد
فطُرحت عليَّ نفسُ الأسئلة
وعند السؤال: ما هو عنوان العُرب؟
أجبت
نحن نسكن مدينة الانحطاط
في حي الانبطاح
في شارع الذُل
ورقم منزلُنا صفرٌ على اليسار
ماذا تقول يا هذا؟ هل أنت جاد مما تقول وأنتم اهل العلم
نعم، أنا جاد. ويقيني أنها انقلبت علينا الدنيا
لقد ضاقت بنا الديار وعصفت بنا رياح المُستبدين
نُزفت دماءنا وهال علينا باطل الساقطين
وفي لحظة سكوت ودهشه، خرج علينا أحدهم ليقول
انا سمعتُ صدى بعيد آتٍ من هذا القول
نحنُ عربٌ
وإن ضاقت بنا الديار
وإن عصفت بنا رياح المُستبدين
لن نحيد ولن نركع
نحنُ الأباة
وإن نُزفت دماءنا
وإن هال علينا باطل الساقطين
سنبقى نسقي وردة الحياة
…فنظرتُ للملأ وإذ هم يرفعون أياديهم للدعاء
عدتُ ادراجي لبلاد العُرب
صحاري ووديان وجبال في وسط الدنيا
حينها ذكرتُ اهليَّ العُرب في المكان
وكان صُراخي في فضاء الزمان
«سنبقى نُسقي وردة الحياة»
عبده التونسي
شاثاني 2020